لبنان متى الإنفجار
د.نسيب حطيط
سؤال يطرحه الناس ووسائل الإعلام ،هل ستنفجر الأوضاع في لبنان متى وأين ؟ الدبلوماسيون الغربيون يسألون والسياسيون يحذرون والمسؤولون الأمنيون يطالبون بداتا الإتصالات ويحذرون من الكلام التحريضي ،وبعض التقارير تؤكد تسلل مجموعات سلفية وتكفيرية إلى لبنان والمخيمات ،ويحكى عن ازدهار تجارة الأسلحة وأسعارها المرتفعة ،فالمربعات الأمنية تتكاثر وحوادث الخطف من أجل الفدية تنمو ،المشايخ السلفيون يتكاثرون ويحتلون الساحات وشاشات الإعلام كأمر واقع معتمدين على بعض المسلحين الذين يشكلون افضل استثمار مادي وسلطوي لهؤلاء ،فيهددون ويتوعدون ،يصدرون الفتاوى التكفيرية ،والأجهزة الأمنية في حال إحباط فلا غطاء سياسي لها للرد على المعتدين عليها وعليها ان تتجرع مراقبة المسلحين بشرط أن لا تطلق النار عليهم ،وأن وتحمي الإحتفالات والمظاهرات والنواب والسياسيين الذين يشتمونها ويحرضون عليها، والقضاء خائف من تهديدات الموقوفين الإسلاميين فالدولة مسجونة في سجن رومية ولا تستطيع دخول زنازين السجناء، ينتشر السلاح في الشوارع والجبهات في عرسال وطرابلس والحدود اللبنانية السورية وتعلن حوادث القتل والسلب ، والدولة تنأى بنفسها لأن الأمن بالتراضي في لبنان.
تحرض 14 أذار ضد سلاح المقاومة وتتهمه بالإرهاب في الداخل ،بينما تغطي وتمول الجماعات المسلحة فمن يرفع شعار العبور إلى الدولة(يعبر الدولة) ويقتل العسكريين في عرسال ويتحدى القضاء والجيش وينسى الناس شهداء الجيش وتسليم المطلوبين ،ويقتحم المسلحون مستشفى دار الشفاء في طرابلس ويحررون موقوفا ليقولوا أن المبادرة بأيدينا ،ويعلن ما يسمى الجيش السوري الحر قصف الأراضي اللبنانية ويهدد بقصف مواقع المقاومة(غير المعروفة) وتتسلل جبهة النصرة والقاعدة والسلفيون إلى لبنان ووزير الدفاع اللبناني يؤكد و14 أذار تنفي، وزير الداخلية يؤكد وجود المعسكرات و14 أذار تنفي ،ويعتقل الأمن العام مطلوبا فيطلق ويتم الإدعاء على الأمن العام ....الإنفجار قادم إلى لبنان بفعل الأحداث في سوريا والكل يخبئ رأسه في الرمال ويحاول إغماض العين عما يجري.
والإنفجار - الفتنة على الأبواب وليس تنبؤات أو أوهام وفق التالي :
- تستخدم بعض الشخصيات كبربارة للقوى التي ستتعامل في لبنان وبشعارات تتغير كل يوم، فيوما لنزع سلاح المقاومة ويوما لإستعادة كرامة الطائفة وآخر لإطلاق الموقوفين الإسلاميين الذين تأخرت عن محاكمتهم حكومات 14 أذار ،بينما حكومة الرئيس ميقاتي بدأت بمحاكمتهم ومع ذلك يحاكمها السلفيون و14 أذار.
- يمكن أن تطلق الشرارة من صيدا في سيناريو مكرر للعام1975 بعد إغتيال الشهيد معروف سعد لقطع الطريق على المقاومة وإقحام مخيم عين الحلوة في الإنفجار تماما كما حصل في مخيم اليرموك في دمشق لتتوسع ويتم السيطرة على المثلث الممتد من صيدا إلى جزين إلى إقليم الخروب وصولا إلى ساحل البحر ومرفأ الجية وإحباء مشروع القريعة ..
- إشعال الجبهة من عرسال إلى عكار شيئا فشيئا لتصبح أمرا واقعا لا يستطيع أحد أن يطفئه،لتتحد الساحتان السورية واللبنانية،ويسهل انتقال التكفيريين الى لبنان ،للمعركة القادمة بعد التسوية السياسية في سوريا وإشعال القتنة السنية -الشيعية للقضاء على المقاومة وإنهاكها .
- تتزايد حوادث اطلاق النار في مخيم عين الحلوة ،ويروج البعض لتقلص سيطرة القوى الفلسطينية الأساسية عي المخيم لصالح السلفيين والنازحين السوريين والفلسطينيين كمقدمة للتنصل من مسؤولية ماستقوم به هذه الجماعات من اعمال عنف ضد الجوار وعلى طريق الجنوب .
- تتفلت طرابلس من سيطرة الدولة والقوى السياسية لصالح السلفيين والمجموعات التكفيرية الآتية من الخارج ،وتتحضر هذه الجماعات لدمج طرابلس مع عكار وريف حمص لتوحيد الجبهة وإنشاء منطقة عازلة في لبنان بعد تعذر إنشائها على الحدود التركية ،على ان تكون على الأراضي اللبنانية لحمايتها من الرد السوري وتوفر مرفأ طرابلس ومطار القليعات لتأمين الإمداد وسهولة التحرك .
- سيتم إستغلال قضية الموقوفين الإسلاميين لتعبئة الجمهور العام وإعلان الجهاد والعصيان خاصة في طرابلس .
تتكاثر حوادث الخطف والحديث عن عمليات إغتيال المتوقعة ،والدولة والأحزاب والمسؤولين غائبون ،إن علامات الإنفجار صارت واضحة و برميل البارود ار لا ينقصه إلا حادث مدبر أو عرضي لتشتعل الساحة بعنوان الفتنة المذهبية،كل المؤشرات تدل على أننا شارفنا على الفتنة المدبرة والجميع يتنافس في جنس ملائكة قانون الإنتخابات.
والسؤال المطروح ...هل سيعمد البعض لإفتعال الإنفجار الأمني بديلا عن الحوار في قانون الإنتخاب أو لمنع إجراء الإنتخابات وتأجيلها بإنتظار ما سيحدث في سوريا ليبنى على الشيء مقتضاه؟
هل إنخرط البعض في لبنان أو تم إستغلاله للبدء بإفتعال المشاكل وزيادة وتيرة التحريض تماما كما حصل قبل غزو العام1982عندما إشتدت المعارك بين الأحزاب والفصائل الفلسطينية وإنتهت بالإجتياح وإحتلال بيروت وطرد المقاومة الفلسطينية إلى تونس ؟
إن مقدمات الإنفجار صارت جاهزة والأدوات البشرية والسياسية والمذهبية في أعلى جهوزيتها بإنتظار أمر العمليات الخارجية سواء الإقليمي أو الدولي أو الإسرائيلي.
ما نقوله ليس تهويلا بل هو الحقيقة المخيفة ،فليبادر الجميع إلى إطفاء النار قبل إشتعالها، وليتذكر الجميع أن في لبنان رواسب الحرب الأهلية وأكثر من400 ألف فلسطيني وأكثر من 400 ألف سوري بين نازح وعامل، وجميع أجهزة المخابرات الخارجية وفي مقدمتها(الموساد)الإسرائيلي وعملائه والشتائم والتحريض وتداعيات ما يسمى الربيع العربي وطموحات بعض الحركات والجماعات لا يحدها سقف أو خط أحمر والحرب الأميركية البديلة عن الغزو نجحت في سوريا وفي العراق وفي ليبيا، وبدأت في تونس ومصر وستبدأ في لبنان لأن الربح الإسرائيلي لم يكتمل بعد، ولن يكتمل إلا بالقضاء على المقاومة في لبنان التي تشكل رأس الحربة ومصدر القلق والتهديد الأساسي للعدو الإسرائيلي، فالديمقراطية والتعددية السياسية جسر عبور أميركي وإستغلال لمطالب الشعوب المحقة والمشروعة... ولكن هل ناقش أحد ماذا حقق المصريون بعد سنتين من الثورة وكذلك التونسييون بعد زين العابدين و الليبييون بعد القذافي.
لقد أعدمت أحلام الشعوب بإسم التغيير وصادر الإسلامييون الجدد ما تحقق من إنتصارات وربحت إسرائيل بأن وافقت أو حيدت حماس عن معارضة إغلاق أنفاق غزة التي كان عددها1200 نفق أيام مبارك وتقلصت إلى 120 نفق بعد الثورة، ولن يبق منها سوى عشرات بعد إغراق معظمها بالمياه العادمة.
الربيع العربي لم يبق شيئا أخضر وتفجرت الساحات التي كانت محرومة ولكنها آمنة ،فصارت محرومة وغير آمنة وخائفة على المستقبل.
أنقذوا لبنان وأنقذوا أنفسكم قبل فوات الأوان... فالإنفجار سيدمر الجميع والنار ستحرق كل الأصابع ،ولا تتركوا المراهقين في السياسة يفجرون الأوضاع بأعمال بهلوانية وصبيانية مشبوهة.. فهل من يسمع؟
بيروت في 25/2/2013 سياسي لبناني*
www.alnnasib.com